إلا تنصروه فقد نصره الله
دراسة السيرة النبوية مهمة للمسلمين ولغير المسلمين، لأنها التفسير الواقعي والتطبيق العملي لهذا الدين، فالسيرة النبوية ضرورية لكل داعية لمعرفة كيفية دعوة الناس إلى دين الله، وكيف يحقق أهدافه بأيسر السبل وأقل التضحيات في كل المراحل، وهي مهمة لكل قائد لأنها تعلمه كيفية التخطيط الناجح ليقود الأمة إلى المجد، كذلك هي حاجة ملحة لكل مرب، يتعلم منها كيف استطاع النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يحول العرب من أمة أكلتها الثارات والأحقاد إلى أمة وصفها الله بالخيرية واستحقت الشهادة على العالمين، وهي مهمة لكل حاكم يريد الخير لأمته، يسوسها بالعدل والشورى، والسيرة مهمة كذلك لكل تاجر وقاض وزاهد وصابر يتعلم منها الدروس في التعامل والنزاهة.
وتعد من أهم أحداث السيرة النبوية الهجرة النبوية المباركة، وهي جديرة بأن نتعلم منها الدروس والأحكام، ونأخذ منها العبر والعظات لنعيش في ظلالها.
وتعتبر الهجرة النبوية أهم حدث في تاريخ الدعوة الإسلامية، لما تمثله من نقطة تحول في تاريخ المسلمين، فتظهر ما لاقاه وقاساه الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتحقيق الرسالة وتبليغها للعالمين، ولو أدى ذلك لزوال ماله وهلاك نفسه، إذ لا عيش بدون قيم أو مبادئ أو أخلاق، وإن أعز شيء عند المسلم في هذه الحياة هو دينه، فهو يضحي بكل شيء من أجله.
إن الدارس للسيرة يدرك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما خطا خطوة، ولا تكلم كلمة، ولا فعل فعلا إلا كان بتخطيط من أجل الوصول لهدف، وحين نراجع الأحداث نلاحظ دور الشباب والمرأة في الهجرة، فعنصر الشباب الحي المضحي الذي يرتاد المخاطر ويقتحم الصعاب ويستسهل المشاق، لا يعرف الخوف ولا الوهن، كان متمثلا في علي بن أبي طالب وعبد الله بن أبي بكر وعامر بن فهيرة رضي الله عنهم، كما ساهمت المرأة في هذه الأحداث، وأوكل لها عمل يناسب طبيعتها لتعلم أن مسؤوليتها في هذا الدين لا تقل عن مسؤولية الرجل، فهي مكلفة بحمل الأمانة، والشباب المسلم والمرأة المسلمة اليوم ينبغي أن تتحقق فيهم صفات الجيل الأول، ومنها الأخذ بالأسباب المادية مع التوجه بالدعاء والرجاء إلى الله تعالى.
ومن الدروس المستفادة من الهجرة كيفية التعامل مع التآمر، والإغراء، والحملات الإعلامية الكاذبة، والتهديدات، وتوجيه التهم الباطلة.
لقد تجلت في الهجرة أسباب النصر، من الحب الصادق والتضحية بالنفس والنفيس، فداء للرسول (صلى الله عليه وسلم)،
فإلى كل قائد وزعيم أو مسؤول يحرص على الحب أن يسلك هذا الطريق، طريق السيرة العطرة.
فالهجرة كانت سبباً في نصر الإسلام ونشره كما قال الله سبحانه وتعالى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(التوبة - 40).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الوعي الاسلامي العدد 521
الإثنين أبريل 20, 2009 1:51 am