من صور رسالة المسجد في حياة الأمة

من صور رسالة المسجد في حياة الأمة

كان المسجد في الإسلام هو المؤسسة التربوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية ففيه تتم هذه الفعاليات ولا سيما في عصر النبوة والخلفاء الراشدين من بعده لترسيخ وتحقيق العبودية لله وحده فقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} امتثل له نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم وحث أمته عليه والذين استجابوا له لأنهم يعلمون أن هذا توجيه وأمر إلهي أوحى به إليه {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فلهذا اهتم الرسول بكل المقومات التي تسهم في إعداد المسلم الصالح التي رسخها في رسالة المسجد فبرامج وفعاليات المسجد لم تقتصر على الجوانب الروحية والتعبدية بل شملت الحث على الصدقة وإخراج الزكاة لمستحقيها وهي تمثل التكافل الاجتماعي في أعلى صوره كذلك التربية التي يحث عليها في أحاديثه وخطبه لم تكن مقتصرة على الجوانب النظرية بل قولاً وعملاً وجوهرها السلوك السوي الذي يستشعر العبودية لله وحده والامتثال لأوامره ونواهيه وتحويل السمع إلى أفعال لأنه قدم القدوة لهم ليقتدوا به {وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} فمن خلال هذا التوجيه النبوي سعد المسلمون والمعاهدون بالأمن والراحة والطمأنينة واستمتعوا بالحياة كما أراد الله وانتشر الإسلام من دون إكراه لأن خصائصه هي فطرة صالحة للإنسانية في قاطبة ونستطيع أن نقول من خلال المعطيات التي أشرنا إليها أن رسالة المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته هي الرسالة التي وظفت منظومة متكاملة تخدم حياة الأمة بخلاف اليوم الذي نجد فيه رسالة المسجد ضعفت عن ذي قبل والتي من أسبابها وجود الفجوة بين المشرفين على إدارتها والعاملين فيها وهم الأئمة الذين البعض منهم يتمسك برأيه وفكره ولا يتفاعل مع ما توجه به الجهة المشرفة عليه سواء بالنسبة للالتزام بأداء وظيفته بالمسجد كما يجب من حيث إقامة الصلاة في أوقاتها وعدم تقيده بالتعليمات والتعاميم الصادرة منها، البعد عن الخوض في الأمور الفقهية، والعقائدية التي تحتاج إلى متخصصين في علومها كذلك نجد بعض المساجد ينقصهم الأساليب العصرية في الدعوة إلى الله كل ما هنالك يمسك بأحد الكتب التراثية ويهذها هذا دون مراعاة توضيح بعض الكلمات والمصطلحات التي قد يجهلها بعض المصلين كذلك لا نجد تفاعلا من بعض أئمة المساجد مع ما يحدث من ظواهر في مجتمعاتنا كظاهرة المخدرات والإسراف والسرقات وإن وجدت فلا تتعدى كلمات عابرة أيضا رسالة المدرسة تكاد تكون مغيبة عند البعض منهم ونسوا أن رسالة المسجد هي الدعامة والموجهة لرسالة المدرسة ويفترض أن يوجه إمام المسجد المصلين الذين منهم الطلاب إلى ضرورة التفاعل مع المدرسة وواجباتهم المدرسية وقبل هذا وذاك الإرهاب وهو الذي عصف ببعض أبنائنا نتيجة لافتقادهم للتوجيه السليم القائم على الوسطية فمن النادر جداً أن تجد إمام مسجد يتحدث عن الإرهاب ويفترض أن يكون حديثه وبشكل يومي منصبا عليه من خلال أدلة حسية ومعنوية ويستشهد بأقوال المفسرين للقرآن والأحاديث النبوية التي تحارب هذه الظاهرة كذلك الاستفادة من أقوال العلماء الذين عرفوا كيف يوظفون فقه الواقع ومقاصد الشريعة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) ولا يمنع أيضاً من تنبيه أولياء الأمور على التصرفات التي قد تحدث من بعض أبنائهم عندما يكونون داخل البيت كاستخدام الشدة بين أهلهم وطرح بعض الأفكار عليهم وخصوصا عندما يكون تحصيلهم في العلم الشرعي محدوداً ويشعرهم بأنه حاضراً لمناقشة أبنائهم لمعرفة منهجهم وفكرهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة كذلك توجيه المصلين إلى التعاون والتواصل مع المراكز الاجتماعية التي تقدم خدمة لأبناء المجتمع.
والله من وراء القصد ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ الجزيره/العدد13191ـــــــــــــــــــــــــــــــ